تعرف على المسيرة الكحلة (السوداء) الجرح الغائر في ذاكرة المغاربة
مباشرة بعد أن نظم المغرب المسيرة الخضراء إلى الأقاليم الجنوبية واسترجاعها. نظمت الجزائر مسيرة مماثلة لها أطلقت عليها اسم "المسيرة الكحلة (السوداء)" نتج عنها مأساة ضاربة عرض الحائط عمق الزمان الذي جمع الجارتين المغرب والجزائر، وكثير من العادات والأصول المشتركة. وهي عملية تهجير قسري شملت طرد 75.000 مغربي وذوي أصول مغربية مقيم بالجزائر و وصل إلى 350.000 مغربي بسبب نزاع الصحراء، بعد قيام المغرب بضم الصحراء المغربية في حين رفضت الجزائر السيادة المغربية عليها و دعمت جبهة البوليساريو ·
الأوضاع الإنسانية
كانت عملية التهجير صبيحة عيد الأضحى في 18 ديسمبر 1975 في ظل نظام حكم الراحل هواري بومدين .بمجرد اعلان الملك الحسن الثاني عن المسيرة الخضراء حتى فوجئ المغاربة باستنفار هواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة كل القوات الجزائرية وفي جميع ربوع الجزائر يبحثون عن كل مغربي ومغربية ويقومون بترحيلهم قسرا ليلا ونهارا الى الحدود المغربية في ظروف لا إنسانية سوف تظل وصمة عار في جبين النظام الجزائري ، حيث تم الفصل بين الزوجة المغربية والزوج الجزائري وبين الزوج المغربي والزوجة الجزائرية ، كما جرد المرحلون من كل ممتلكاتهم وأموالهم فلم يرحم قادة الجزائر لا الصبي الضعيف ولا الشيخ الكهل ، ولا المريض المحتضر ، ولا المرأة الحامل ، ولا الواجب تجاه الجار.
ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر
بلغ عدد المطرودين 75 ألف مغربي ومغربية فرقت السلطات الجزائرية بينهم و وصل إلى 350.000 خلال نزاع الصحراء، ونشرت هذه الأرقام في كل من الصحف المغربية والدولية.وهناك من المطرودين من شارك أجدادهم في حرب التحرير الجزائرية مثل عبد الحميد العاطي الله الذي يقول إن أسرته قدمت خمسة شهداء قضوا نحبهم على أرض الجزائر و يروي أيضا عدد من المطرودين من بينهم يوسفية معمري موظفة بنيابة التعليم بفاس ان عائلتها طردت من منزلها بلباس النوم .
تدخل الدولة المغربية
تفاجأت الدولة المغربية كما الأسر المطرودة، بما حدث، وفي محاولة منها لإيجاد حلول لآلاف الأُسر المطرودة والمُشرَّدة على الثغور الحدودية، لجأ المسؤولون بداية إلى توزيع المطرودين على أقسام المدارس بمدينة وجدة، قبل تزويدهم ببضعة أفرشة وأغطية كانت مستعملة خلال المسيرة الخضراء.
مئات الخيام نُصبت آنذاك على مستوى الساحات الكبيرة بمدينة وجدة، شرقي المغرب، لاستقبال ضحايا الطرد التعسفي، مخيمات حفتها الآلام والبكاء والعويل، وحملت أسماء "لافوار" و"روك 1″ و"روك 2″، قبل أن تعمد الدولة إلى ترحيل الأسر إلى مختلف المدن المغربية، حتى تتكلف كل عمالة (محافظة) بجزء من الأعباء والأسر.
سعت الدولة لتشغيل أرباب الأسر، خاصة أن كثيرين منهم كانوا ذوي أملاك وتجارة، فقامت بتوظيف الرجال وأبنائهم الشباب كحراس للمدارس والمؤسسات العمومية، ومكنت بعضهم من السكن الوظيفي، إلا أن الأجور الهزيلة أدخلت هذه الأسر في دوامة الفقر والحاجة، ما دفع الأبناء اليافعين إلى ترك الدراسة والتوجه للعمل وتعلم الحِرف بالنسبة للأبناء، واللجوء إلى العمل داخل البيوت بالنسبة للبنات ووالداتهن.
السينما تخلد الرواية المغربية
بادر المخرج المغربي محمد اليونسي مؤخرًا إلى تثبيت الرواية المغربية لملف المسيرة الكحلاء من خلال إنتاجه لفيلم الوشاح الأحمر الذي اعتبره نقل فني لأحداث واقعية حدثت ومازالت تحدث كل يوم مع المغاربة والجزائريين من ضحايا الطرد والتهجير القسري الذي فرضته السلطات الجزائرية منذ ما يزيد عن ربع قرن.
ويتطرق الفيلم لموضوع شائك لم يسبق أن تناولته السينما المغربية، ويتعلق الأمر بمأساة المغاربة المرحلين من الجزائر، والحدود المغلقة بين البلدين.
ويبقى السؤال أي ذنب اقترفته هذه العائلات التي ساهم رجالها ونساؤها في دعم الثوار من أجل استقلال الجزائر، حتى يعاملوا بهذه الطريقة؟
التعليقات على الموضوع